تعقيدات أزمة النيجر تدفع الرباط لعدم التسرع.. والجزائر تحاول إقناع الـ"إيكواس" بالعدول عن الحرب
تزداد أزمة النيجر تعقيدا مع مرور الوقت، خاصة في ظل تعنت زعماء الانقلاب ورفضهم لأي تفاوض يهدف إلى إعادة محمد بازوم إلى الحكم، كما أن قادة "الخونتا" تجاهلوا كليا قرار الاتحاد الإفريقي بتعليق عضوية النيجر، الأمر الذي يُهدد بتدخل عسكري تقوده دول غرب إفريقيا المنضوون تحت التكتل الاقتصادي المعروف بـ"ECOWAS".
وحسب عدد من الخبراء الدوليين، فإن أزمة النيجر معقدة جدا، في ظل أن جميع السيناريوهات ستكون لها تداعيات سلبية على المنطقة بأبعاد دولية، وهو الأمر الذي يقف وراء صمت عدد من البلدان إلى حدود اللحظة، وعلى رأسهم المغرب، وفق تقرير نشرته "The Africa Report" التي تحدثت فيه أن المغرب لازال يلتزم الصمت، في حين أن دول "الإيكواس" التي ترتبط بعلاقات جيدة مع الرباط تُهدد بالتدخل العسكري.
وبالرغم من أن العديد من القراءات، ترى في أن التدخل العسكري في حالة نجاحه سيكون جيدا على المستوى السياسي والاقتصادي بالنسبة للمغرب، حيث ستكون نيامي في تلك الحالة تحت قرارات دول غرب إفريقيا ذات التحالفات القوية مع الرباط، إلا أن النجاح يبقى غير مضمون، في ظل استعداد "الانقلابيين النيجيريين" للقتال، واحتمالية تلقيهم دعم من دول أخرى مثل بوركينا فاصو ومالي، الشيء الذي يُخشى معه أن يؤدي إلى طول مدة الحرب ودخول المنطقة في صراعات لا تنتهي.
ومن التداعيات المتوقعة لطول مدة الحرب، استفحال ظاهرة الهجرة، وهو ما سيفرض ضغوطا عديدة على بلدان الجوار، وسيكون المغرب أيضا من البلدان المعنية بهذه القضية، حيث سيرغب أغلب الفارين من الحرب في الساحل للوصول إلى المملكة المغربية باعتباره أقرب نقطة إلى أوروبا.
ويبدو أن الرباط تتابع الأوضاع عن كثب في النيجر، وتعمل في صمت إلى حدود اللحظة لمعرفة تطورات الأوضاع وتداعيات، في الوقت تقوم فيه الجزائر بمساعي من أجل منع وقوع الحرب، لأن تداعياتها ستكون كبيرة عليها، خاصة أن النيجر ترتبط بحدود جغرافية طويلة مع الجزائر.
وفي هذا السياق، يقوم وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، منذ يوم أمس الأربعاء، بجولات إلى عدد من دول "الإيكواس"، في مساعي، تقول العديد من التقارير الإعلامية، ان الهدف منها هو محاولة إقناع هذه البلدان عن العدول عن القيام بتدخل عسكري في النيجر، خشية أن تتحول المنطقة كلها إلى حلبة للصراع تُذكيه أطراف دولية أخرى.
وكانت تقارير إعلامية قد أشارت مؤخرا إلى وجود مخاوف جزائرية أخرى من تداعيات محتلمة للتدخل العسكري لدول غرب إفريقيا في النيجر في حالة حدوثه، خاصة أن هذه الدول توجد على علاقات ممتازة مع المغرب، "العدو الكلاسيكي" لها، ومن التداعيات المفترضة هي أن يكون لهذا التدخل تأثير على مستقبل النظام الحاكم في النيجر.
ووفق تجارب التدخلات العسكرية في العديد من الأمثلة في العالم، فإن الجزائر تخشى في حالة حدوث تدخل عسكري ناجح لدول غرب إفريقيا في النيجر، أن يتحول الأخير إلى بلد تحت التأثير السياسي والاقتصادي لدول غرب إفريقيا والمغرب معا.
وذكرت عدد من التقارير في هذا السياق، أنه لا يُستبعد أن تُقدم الرباط مساعدات عسكرية واستخباراتية لدول 'إيكواس" من أجل انجاح تدخلها العسكري في النيجر، وهو ما سيعني أن المغرب سيكون له يد في مستقبل هذا البلد، الشيء الذي قد يُبعد النيجر عن "تحالفها" مع الجزائر في العديد من القضايا والمشاريع